د. خالد حبيب افضل دكتور مسالك بولية

علاج أورام المثانة


تعتبر أورام المثانة من أكثر أنواع الأورام انتشاراً و شيوعاً، فحسب إحصائيات معهد الدراسات الأمريكية، تحتل أورام المثانة المركز الرابع بين الأورام التى يصاب بها الذكور، المركز الثامن فى ترتيب الأورام الأكثر انتشاراً بين النساء.

 لنتعرف  أولاً على ما هى المثانة، ما  هو دورها فى جسم الإنسان؟
المثانة البولية:
هى عضو من أعضاء الجهاز البولى لجسم الإنسان، هى عبارة عن عضو عضلى أجوف، كيس قابل للتمدد فى أسفل البطن عند قاع الحوض.
وظيفتها:
التخلص من البول من خلال تجميعه، تخزينه و نقله من الكلى إلى الحالبين.

أورام المثانة:
*إصابة المثانة بالسرطان، هو عبارة عن نمو غير طبيعى للخلايا و غالباً ما يبدأ فى الخلايا المكونة لبطانة المثانة من الداخل و التى تسمى بخلايا الظهارة.
*و هى نفس الخلايا الموجودة فى الكلى و الحالبين، مما يسبب إصابة كل من الكلى و الحالبين بسرطان الظهارة البولية أيضاً، لكن بنسبة أقل من سرطان الظهارة البولية فى المثانة.
*من السمات المميزة لأورام المثانة، أنها ذات نسبة عالية فى التكرار، حتى مع العلاج الكامل لها، لهذا يظل المريض يتابع سنوياً بعد انتهاء العلاج.

أسباب الإصابة بأورام المثانة:
-تحتوى خلايا المثانة مثل أى خلايا فى جسم الإنسان على الحمض النووى الذي يحمل التعليمات للخلية، تعليمات تحدد  للخلية كيفية أدائها لعملها، كما تحمل معلومات عن عمر الخلية، متى تنقسم، تتكاثر و متى تموت.
-فما يحدث هو طفرة أو بمعنى آخر، تغير فى الحمض النووى للخلية، فيحدث خلط أو تشويش لمثل هذه المعلومات، مما ينتج عن خلايا تحتوى على حمض نووى غير سليم، تستمر فى الحياة بعد الوقت الذى يجب أن تموت فيه الخلايا الطبيعية، تنقسم بمعدل أكثر و أِسرع من الطبيعى مما ينتج عن تكون الورم، الذى مع الوقت يدمر أنسجة الجسم الطبيعية و يمكنه الانتشار إلى جميع أعضاء الجسم.
-لا يوجد سبب محدد أو واضح لحدوث مثل هذه الطفرات، لكن توجد عدة عوامل خطر تساعد فى زيادة الإصابة به مثل:
*التدخين:
- يتعامل الجسم مع المواد الكيميائية الناتجة عن التدخين و يتخلص من بعضها مع البول.
-عندما تتراكم مثل هذه المواد بداخل المثانة، تحدث تلفاً فى البطانة الداخلية لها مما يزيد من خطر الإصابة بالأورام فى هذه المنطقة.
-يوجد أكثر من 60 مادة مسرطنة بأنواع التبغ المختلفة، سواء السجائر، السيجار أو الغليون.
-تتعدى نسبة المصابين بأورام المثانة من المدخنين نسبة ال %50 من إجمالى المصابين به.
-وجود عامل التدخين، يزيد من نسبة خطورة و شراسة الورم، فينتج عنه أورام كبيرة الحجم و متعددة البؤر.
*التقدم فى السن:
تصيب أورام المثانة أى إنسان فى أى مرحلة سنية، لكن الشريحة الأكبر، هم من تزيد أعمارهم عن ال 55 عاماً، كما يصيب الذكور بنسبة أكبر من النساء.
*التعرض للتسمم الكيميائى:
العمل أو التواجد بالقرب من العديد من المواد الكيميائية يمكنه التأثير على الكليتان، التى تقوم بدور هام فى تنقية مجرى البول من هذه المواد و نقلها للمثانة لتقوم  بإخراجها خارج الجسم، مما يمكنه زيادة نسبة الإصابة بأورام المثانة.
و من أمثلة هذه المواد الكيميائية:
-الزرنيخ.
-الأمينات العطرية و المواد الكيميائية المستخدمة فى صناعة أصباغ الشعر، الألوان و مواد الطباعة.
-مواد صناعة المطاط.
-مواد صناعة الجلود.
-مواد الطلاء.
-مواد كيميائية مثل: أمينوبايفيل، نافثيلامين، أمينوفثيلامين، الأنيلين و البنزيدين.
*العلاجات المستخدمة فى علاج أورام سابقة:
-العلاج الكيميائى المستخدم  كعقار مضاد للسرطان، مادة السيكلوفوسفاميد.
-العلاج الإشعاعى المستخدم لعلاج أورام سابقة مثل سرطان عنق الرحم، سرطان البروستاتا، سرطان الخصية، سرطان قناة فالوب و سرطان الكلى، و استهدف منطقة الحوض يعتبر كعامل خطر يزيد من نسبة الإصابة بأورام المثانة.
*التهاب المثانة المزمن:
-وجود التهابات متكررة و مزمنة فى منطقة المثانة يمكنه أيضاً أن يزيد من نسبة الإصابة بأورام المثانة.
-يحدث هذا الالتهاب المزمن فى حالات الاستخدام الطويل لقسطرة البول أو مع إصابات طفيلية مثل الإصابة بالبلهارسيا.
*التاريخ المرضى بالعائلة:
-وجود أورام المثانة كمرض يسرى فى العائلة، حالة نادرة، لكن وجود أقارب من الدرجة الأولى مصابون بأورام يعتبر كعامل خطر.
-كما أن التاريخ الشخصى المرضى لنفس الشخص، إصابته سابقاً بالسرطان، مؤشر على أنه معرض للإصابة من جديد بالأورام.

أعراض الإصابة بأورام المثانة:
من الجيد اكتشاف وجود الورم فى مرحلة مبكرة، لكن فى معظم الحالات تتأخر ظهور الأعراض فتصل الحالة إلى مرحلة متقدمة يصعب معها العلاج.
*البيلة الدموية:
من أكثر الأعراض الدالة على هذه الحالة، و هى وجود نزف دموى مع البول، وجود الدم فى البول يعتبر أول علامة تنبيه على وجود خلل ما، أحياناً يتحول لون البول إلى الأحمر الفاتح و فى بعض الأحيان الأخرى يظهر البول باللون الطبيعى، مما يجعل اكتشافه صعباً و يستلزم فحص مجهرى للبول لاكتشاف وجود البيلة الدموية.
*كثرة التبول:
عدد مرات أكثر و كمية أكبر من البول.
*ألم أثناء التبول:
احساس بالحرقان مع عدم وجود أى التهابات بمجرى البول.
*آلام فى مناطق متعددة:
الظهر، الحوض، المستقيم، الشرج و الخصر.
*فقدان الشهية:
يحدث كأحد الأعراض فى الحالات المتقدمة.

أنواع أورام المثانة:
يتحدد نوع السرطان حسب نوع الخلايا التى يبدأ منها.
*سرطان الخلايا الإنتقالية:
أكثر الأنواع انتشاراً، يشكل سرطان الظهارة الإنتقالية نسبة %90 من أورام المثانة، و هو السرطان الذى ينشأ من خلايا منطقة البطانة لجدار المثانة من الداخل، و هى نفس نوع الخلايا الموجودة فى بطانة الرحم و مجرى البول.
*سرطان الخلايا الحرشفية:
يصاحب هذا النوع من الأورام تهيج و حرقان مزمن، و يكون نتيجة لوجود عدوى مزمنة نتيجة استخدام القساطر البولية لفترات طويلة، أو الإصابة بعدوى مثل البلهارسيا فى البلاد التى تتواجد بها هذه العدوى.
*السرطان الغدى:
يعتبر هذا النوع، نوع نادر من أنواع أورام المثانة، و ينشا من الخلايا المكونة للغدد المسئولة عن إفراز المخاط فى المثانة.

كيف يتم تشخيص أورام المثانة؟
يعتبر التشخيص أول خطوة من خطوات العلاج.
يتم تشخيص أورام المثانة على عدة خطوات، كل منهم تؤدى للأخرى عند اكتشاف دلائل على وجود الورم.
*إجراء فحص للبول:
عند اكتشاف وجود دم فى البول لا يصاحبه ألم، يتم إجراء فحص مجهرى للبول و عند العثور على خلايا سرطانية خبيثة يتم الانتقال للخطوة التالية من التشخيص.
*استخدام تنظيرالمثانة:
و هو عبارة عن استخدام أنبوب رفيع يحتوى على عدسة يدخل إلى مجرى البول و المثانة للبحث عن أى دلائل على وجود أورام بالمثانة.
يمكن أن يجرى هذا الفحص بداخل العيادة أو بالمستشفى.
*عينة من النسيج لفحصها:
يمكن أخذ عينة من الأنسجة أثناء عمل منظار المثانة لفحصها مجهرياً.
*الاستئصال عبر الإحليل:
و يستخدم للعلاج أيضاً، فى حالة أن أظهر التشخيص أن هناك ورم بالمثانة يتم استئصاله فى هذه المرحلة، من خلال الإحليل و هو القناة التى تربط المثانة إلى خارج الجسم.
و إذا أظهر التشخيص ان الورم يخترق عضلة المثانة، يتم استكمال التشخيص للتأكد من عدم انتشار الورم  لأعضاء الجسم المختلفة.
*فحوصات تصويرية:
-التصوير المقطعى المحوسب CT على منطقة البطن و الحوض:
يتيح هذا الفحص للطبيب فحص أجزاء الجهاز البولى، من خلال حقن صبغة فى أحد أوردة اليد، فتسرى الصبغة مع الدم و تصل إلى الكلى، الحالب و المثانة.
تظهر الصور الملتقطة، صور تفصيلية لأجزاء المجرى البولى و تحديد أماكن الإصابة بالسرطان.
-الصور الحويضية التراجعية:
من خلال حقن الصبغة بالحالب عن طريق قسطرة المثانة، و الحصول على رؤية توضيحية للجزء العلوى من مجرى البول و فحصه بالأشعة السينية.

و يتم استكمال خطوات التشخيص إذا تم التأكد من وجود السرطان لتحديد  مدى و أماكن انتشاره بواسطة:
*الرنين المغناطيسى.
*تصوير القفص الصدرى بالأشعة السينية.
*مسح العظام.
*فحص أداء الكبد من خلال التحاليل المعملية للدم.

كيف يتم تحديد شدة السرطان؟
تعتبر ثانى مرحلة من مراحل العلاج هى تحديد المرحلة التى وصل إليها السرطان و درجة شدته.
درجات أورام المثانة:
تتحدد درجة أو شدة السرطان بفحصها تحت المجهر و تحديد شكل الخلايا، فتتصنف إلى درجتين:
*سرطان منخفض الدرجة:
-حيث تكون الخلايا فى مظهرها و تنظيمها أقرب إلى مظهر و شكل الخلايا الطبيعية و تتمتع بدرجة عالية من التمايز.
-و فى هذه الدرجة، يتميز الورم بمعدل نمو بطيء، و تقل إحتمالية إختراقه للجدار العضلى للمثانة.
*سرطان عالى الدرجة:
-تظهر الخلايا بمظهر و تنظيم لا يتشابه بأى درجة مع الخلايا الطبيعية، ضعيفة التمايز.
-يكون نمو الورم فى هذه الدرجة شديد العدائية، و أكثر قدرة على اختراق الجدار العضلى للمثانة و الانتشار لباقى أنسجة الجسم.
تنقسم مراحل الورم حسب درجة خباثة الورم و شدته، حسب درجة اختراق الورم لجدار المثانة العضلى إلى:
-المرحلة الأولى: يتواجد الورم فى البطانة الداخلية للمثانة.
-المرحلة الثانية: تخترق جدار المثانة العضلى.
-المرحلة الثالثة: تغزو الأنسجة المحيطة لجدار المثانة العضلى، إلى البروستاتا عند الرجال، إلى الرحم و المهبل عند النساء.
-المرحلة الرابعة: انتشار الورم عبر العقد الليمفاوية إلى أعضاء مثل الرئتين، الكبد و العظام.
تستخدم فى هذاالتصنيف حروف و أرقام  لتحديد درجة و مرحلة الورم بدقة، و تستخدم  العديد من الأنظمة و الطرق فى التصنيف و تحديد مراحل شدة الورم و مدى انتشاره.

علاج أورام المثانة:
*فى حالة عدم اختراق الورم للجدار العضلى للمثانة، يتم استئصاله بالكامل، مع الالتزام بالمتابعة الطبية و بالأخص فى وجود أى من عوامل الخطر، حيث أنه من الأورام الشديدة التكرار حتى مع عدم شدته و استئصاله بالكامل كما سبق و ذكرنا.
*و لهذا فى حالة وجود عوامل الخطر، يستحسن استكمال العلاج مع العلاج الكيميائى و استخدام العلاج المناعى للمثانة.
*استخدام ما يسمى بالتكنواوجيا التآزرية، و هى تتم بالدمج بين العلاج الكيميائى و التسخين.
*فى حالة اختراق الورم للجدار العضلى للمثانة، يتم استئصال المثانة جذرياً مع الأنسجة المحيطة مثل البروستاتا و الحويصلات المنوية عند الرجال، و اسئصال الرحم، البوق، المبيض و الجزء الأمامى من المهبل عند السيدات.
*يتم بعدها إعادة بناء المسالك البولية من خلال الجراحة، إما عن طريق صنع  ما يشبه المخزن المماثل للمثانة من الأمعاء الدقيقة، او عن طريق تحويل مجرى البول إلى جدار البطن باستخدام عروة من الأمعاء الدقيقة.
*يتم اختيار نوع التحويل، بناءً على أداء الكلى، المرحلة العمرية للمريض، وجود أى أمراض أو التهابات مزمنة فى الأمعاء.

استئصال أورام المثانة بالليزر:
توصل الطب فى الآونة الأخيرة إلى استئصال أورام المثانة عن طريق استخدام الليزر، و الذى له فوائد كثيرة أفضل من الطرق الجراحية العادية، من حيث تقليل فرصة تكرار الورم، و تحديد كيفية علاجه، من خلال استئصال الورم بشكل كامل كقطعة واحدة مما يتيح  فرصة أفضل  للحصول على عينة جيدة لتحليل الورم و معرفة أفضل الطرق لعلاجه، كم أنه إجراء بسيط يتيح للمريض العودة للمنزل فى نفس اليوم.
د. خالد حبيب، استشارى المسالك البولية، واحد من القلائل فى مصر ممن يستخدمون الليزر فى استئصال أورام المثانة حيث دائماً ما يبحث عن الجديد فى طب المسالك البولية، مما يحقق نتائج أفضل فى الاهتمام بصحة بمرضاه مما يضعه دائماً فى المقدمة.

التوقعات المستقبلية لأورام المثانة:
تكون النتائج افضل و تحسن من سير المرض فى حالة:
-أن الورم من النوع السطحى، و من نوع الخلايا الإنتقالية و لم يخترق الجدار العضلى للمثانة.
-استخدام العلاج الكيميائى المستخدم لمادة السيسبلاتين.
-استخدام العلاج الكيميائى المدمج، و الذى يفضله معظم المرضى.

كيف يمكنك الوقاية من أورام المثانة؟
لا يوجد طرق أو عوامل وقاية مضمونة، و لكن يمكننا تقليل عوامل الخطر التى تزيد نسبة الإصابة به مثل:
*الحد من التدخين، من خلال اللجوء لمساعدة مجموعات دعم، أو استخدام بعض الأدوية و الأساليب التى تساعد على الإقلاع عن التدخين.
*البعد عن التعرض للمواد الكيميائية الضارة، مع الالتزام بالتعليمات عند التعامل معها و يكون بحرص شديد مع ارتداء الأقنعة الواقية.
*الالتزام بنظام غذائى صحى، تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات و مضادات الأكسدة.